أخبار محليةمقالاتملفات وتقارير

رسالة إلى السيد عبدالملك الحوثي

رسالة إلى السيد عبدالملك الحوثي

كتب /احمد أمير الدين الحسني

بالقدر الذي يسعى فيه أنصار الله إلى حشد مناصرين والعناصر المقاتلة للجهاد، فإن السمعة الجيدة التي كانت موجودة بدأت تنحسر، و تتسبب لمؤيديها الحرج وعدم القدرة على التبرير أو فهم ما يحدث، بسبب سوء المعاملة وازدواجية التعامل وفساد الإدارة وكثير من القيادات العليا، وهو ما يلقي بظلاله على انسحاب المقاتلين بشكل مستمر من الجبهات بعد أن ذاقوا مرارة ذلك الفساد والتعالي والتكبر الذي يبديه الكثير من القيادات ضدهم.
مشهدٌ بات يشكل قضية في أوساط الأنصار والمؤيدين، شكاوي وخلافات تجاوزت حدود الحركة، طفت إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وابعد من ذلك فقد تجاوزت حدود الخلافات المشروعة ووصلت إلى اشتباكات و معارك على الميدان.!
عقدة إشعار الآخرين بالنقص و التعالي و سوء السلوكيات في التعامل، أبرز الأسباب المنفرة للمناصرين، فالكثير من المجاميع وأدعياء الولاء المطلق للقيادة و تحت نزعات سلالية وأخرى قبلية ومناطقية يستفردون بكل شي، بينما البقية و هم السواد الأعظم يتعرضون لمواقف عدة مثل نقص الدعم بالسلاح والذخائر، وحتى الأكل والقات والمرتبات التي لا تصرف لهم إلا نادرا، وغيرها من التمايزات التي دفعت بالكثير إلى ترك الجبهات مكرها والعودة إلى منازلهم.
ولعل ما يزيد مرارة الحسرة لدى أولئك الذين يشكون سلوكيات النافذين والمميزين، أن هذه الأفعال تأتي بعد أن قدموا التضحيات الكبيرة، وقتل منهم من قتل وجرح من جرح، ولا يزال نزيف أرواحهم و دماءهم يجري بشكل يومي وهم من خيرة أبناء القبائل، ليصبحوا بين عشية و ضحاها ضحية لقناعاتهم الخاطئة التي جعلتهم في نظر أولئك مجرد عبيد وتابعين لسلالة نقية طاهرة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها..!!
والاعتراض ممنوع هنا و جريمة و كفر، و الطاعة العمياء ثواب في الدنيا و الآخرة، ومن يقلب في نفسه شريط الظلم و المآسي الذي يتعرض له، فقد ظل عن سواء السبيل.!

ثقافة باتت تحصر وتنحصر فيها هذه السلالة، وتفقدها ما كان بين يديها من عناصر و قبائل، و معالجتها لهذه الكوارث تزيد الشرخ اتساعا و الجروح إيلاما.
وبين أيدينا الكثير من الأدلة والنماذج والشواهد، و ما حدث للمجاميع الموالية من قبائل خولان بن عامر، ليس ببعيد.
فقد دفعتهم ذات السلوكيات إلى مغادرة متارسهم و مواقعهم في جبهات مأرب والجوف و نزحوا جميعهم (أكثر من ٤٠٠ عنصر) بقيادة محمد أبو طالب إلى صنعاء يشكون ما تعرضون له من ظلم في الجبهات، غير أن مطالبهم قوبلت بالتجاهل والإهمال، الأمر الذي دفع تلك المجاميع إلى إثارة المشاكل مع قيادات ومسؤولي الجماعة في العاصمة التي شهدت توترًا غير مسبوق، وكادت أن تنفجر فيها الأوضاع وتنذر بمواجهات مسلحة، قبل أن تتخذ تلك المجاميع قرارا بمغادرة صنعاء والعودة إلى مناطقهم في صعدة.

وبدلا من تلمس أوضاعهم، قامت قيادات الأنصار بمحاولة قمع هذا التمرد من خلال إرسال حملة عسكرية لإعادة هذه المجاميع بقوة السلاح، غير أن تدخل عبد الملك الحوثي في اللحظات الأخيرة أدى إلى وقف هذا القرار، في مسعاه لعدم حدوث مواجهات لا تحمد عقباها، حيث وجه قياداته المقربة منه بالاكتفاء بحصار تلك المجاميع في مناطقها و مراقبة تحركاتها.
و فيما تؤكد المصادر إلى أن المجاميع لا تزال تحت الحصار حتى لحظة كتابة هذا المقال، فقد أدى هذا الفعل إلى حدوث تعاطف مع تلك المجموعات من قبل عدد من القبائل الموالية لعبدالملك الحوثي في محافظة صعدة وما جاورها.
و تورد المصادر أنه كان على رأس المتعاطفين مع المجاميع المحاصرة، القيادي الكبير المدعو ابو جعفر الطالبي، و الذي أعلن موقفه المتضامن مع المحاصرين و سعى إلى التحرك مع المجاميع التابعة له إلى فك الحصار عليهم، قبل أن يتلقى اتصالا من السيد، طالبه فيه بالقدوم إليه على وجه السرعة.
مصادري الخاصة، أكدت أن عبدالملك الحوثي نجح في تهدئة الطالبي و خطب وده من خلال تزويجه ابنة شقيقه الراحل حسين الحوثي.

وفيما لم يعرف حتى هذه اللحظة مصير المحاصرين، فإن التوقعات ترجح نشوب المزيد من التوترات في ظل انعدام أي حلول مرضية للطرفين.
وغير بعيد عن ذات الأسباب، اشتبكت قبائل بني حذيفة مع قيادات العنصريين في الحركة بسبب محاولتهم السطو على أراض زراعية لقبائل بني حذيفة، وبدلا من تهدئة التوتر تفاجأت قبائل بني حذيفة بتعزيزات و بأطقم عسكرية وعربات مدرعة ومدافع الهاون استقدمتها من مدينة صعدة بغرض كسر قبائل بني حذيفة – مجز المدافعة عن أراضيها وحقوقها.

نماذج أخرى مختلفة ومؤسفة من جبهات محافظات أخرى، و بعد أن شعر بعض رجال القبائل بالظلم الذي يمارس عليهم من قبل القيادات العليا تراجعوا عن مواقفهم و تم ملاحقتهم ومضايقتهم.

والسؤال هنا من يجر الجماعة إلى هذه السلوكيات، وأين عقلاءها، و هل تفلح هذه الممارسات في إنعاش وعي الملتحقين بها و استدراكهم لخطورة التعويل عليها مستقبلا، ورهن مستقبل أبنائهم بالالتحاق بها في ظل هذه السياسات الهوجاء، هل الأمر جزء من ثقافة الجماعة التي خيبت ظننا كثيرا أم أن ما حدث ويحدث، إنما نارا تتوقد من بين رماد التناقضات الحادثة في بناء الحركة؟..
و هل ما جرى ارتداد لصراع داخلي مستتر ليس إلا، هذا ما ستكشف عنه الأيام والأشهر القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى